|
#1
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اتبـاع الهـوى يصد عن الحق
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد: معنى الهوى فى اللغة والشرع: الهوى هو ميل النفس إلى الشىء يقال: هذا هوى فلان وفلانة هواه رأى مهويته ومحبوبته وأكثر ما يستعمل فى الحب المذموم كما قال تعالى: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى*فإن الجنة هى المأوى} [النازعات40-41] ويقال إنما سمى هوى لأنه يهوى بصاحبه. فالهوى إذاً ميل الطبع إلى ما يلائمه كما قال ابن الجوزى وابن القيم، وهو أيضاً ميل النفس إلى الشهوة. حكم إتباع الهوى: خلق الميل في الإنسان لضرورة بقائه، فإنه لولا ميله إلى المطعم والمشرب والمنكح ما أكل وما شرب ولا نكح، فالهوى مستحث لها لما يريده كما إن الغضب دافع عنه ما يؤذيه فلا ينبغى ذم الهوى مطلقاً ولا مدحه مطلقاً كما إن الغضب لا يذم مطلقا ولا يمدح مطلقا وإنما يذم المفرط من النوعين وهو ما زاد على جلب المنافع ودفع المضار. ولما كان الغالب من مطيع هواه وشهوته وغضبه أنه لا يقف فيه على حد المنتفع به أطلق ذم الهوى والشهوة والغضب لأنه يندُر من يقصد العدل في ذلك ويقف عنده، فلذلك لم يذكر الله تعالى الهوى فى كتابه إلا ذمه، وكذلك في السنة لم يجىء إلا مذموماً إلا ما جاء منه مقيداً بما يخرج معناه عن الذم كقولهم: هوى حسن، وهوى موافق للصواب، وقد قيل: الهوى لايؤمن. أهل الأهواء والبدع: هم أهل القبلة الذين لا يكون معتقدهم معتقد أهل السنة والجماعة كالذين يُكَفِّرون بالكبيرة أو يقولون بعصمة الأئمة أو سقوط التكاليف عن الواصل بزعمهم وكالذين يقدمون العقل على النصوص الشرعية، وقد صاروا فرقاً لإتباع أهوائهم، وبمفارقة الدين تشتت أهواؤهم فإفترقوا. ولذلك برأ الله نبيه منهم بقوله: {لست منهم في شيء} [الأنعام:159]، ومن علامات أهل الأهواء أنهم يكفرون المخالف لهم ويفسقونه ويبدعونه بلا سبب موجب، وعادتهم التقاطع والتنافر والتباغض، أما أهل السنة فكانوا يتناظرون في المسألة ما يقصدون إلا الخير ولا يتقاطعون ولا يتبارون حذراً من الفرقة التي نبه عليها بقوله تعالى:{إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء} [الأنعام159]، {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات} [آل عمران:105]. ولا يسلم العبد من الأهواء والبدع إلا بالرجوع للكتاب والسنة، وأن يكون على مثل ما كان عليه رسول الله والصحابة الكرام. وكل خير فى إتباع من سلف وكل شر فى إبتداع من خلف. وما لم يكن يومئذ ديناً فليس اليوم ديناً، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها. بعض الآيات الواردة فى ذم اتباع الهوى: حذرت الآيات من إتباع الهوى ووبخت أهل الأهواء، قال تعالى: {أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون} [البقرة:87]، وقال تعالى: {وإن كثيراً ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين} [الأنعام:119]. وقد حذر سبحانه نبيه وأمته من إتباع أهواء الكفار والمنحرفين فى مواضع كثيرة من كتابه كقوله سبحانه: {ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك} [المائدة:49]. بعض الأحاديث الواردة في ذم اتباع الهوى: لقد كان النبي يتعوذ بالله تعالى من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء وكان مما يخشى على أمته شهوات الغي في البطون والفروج ومضلات الهوى. وفى الحديث: «وإنه سيخرج من أمتي أقوام تتجارى -أى تتسابق- بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله». وفي حديث أنس رضى الله عنه «وأما المهلكات فشح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه»». بعض الآثار في ذم اتباع الهوى: لقد كان السلف رضي الله عنهم يحذرون إتباع الهوى كما حذروا الأمة من ذلك ومما أثر عنهم في ذلك قول علي رضي الله عنه: إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل، أما إتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة، وقال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد أي الجهاد أفضل؟ قال: جهاد هواك، وقال ابن تيميه: جهاد النفس والهوى أصل جهاد الكفار والمنان، فإنه لا يقدر على جهادهم حتى يجاهد نفسه وهواه أولاً حتى يخرج إليهم، وقال بشر الحافي: البلاء كله في هواك، والشفاء كله في مخالفتك إياه. وقال عطاء: من غلب هواه عقله وجزعُه صبرَه افتضح. وقال أبو علي الثقفي: من غلبه هواه توارى عنه عقله، وقال ابن المبارك: ومن البلاء وللبلاء علامة *** أن لا يُرى لك عن هواك نزوع العبد عبد النفس في شهواتها *** والحر يشبع تارة ويجوع على العبد أن يتأمل كم أضاعت معصيته من فضيلة، وكم أوقعت في رذيلة، وكم أكلة منعت أكلات، وكم من لذة فوتت لذات، وكم من شهوة كسرت جاهاً، ونكست رأساً، وقبحت ذكراً وأورثت ذماً، وأعقبت ذلاً، وألزمت عاراً لا يغسله الماء، غير أن صاحب الهوى عمياء. كيف يتخلص العبد من اتباع الهوى: بعون الله وتوفيقه يتم التخلص من هذه الآفة بعزيمة حر يغار لنفسه وعليها وجرعة صبر يصبر نفسه على مرارتها تلك الساعة، وقوة نفس تشجعه، والشجاعة كلها صبر ساعة، وملاحظته الألم الزائد على لذة طاعة هواه، وإبقائه على منزلته عند الله تعالى وفى قلوب عباده، وهو خير وأنفع له من لذة موافقة الهوى، وإيثاره لذة العفة وعزتها وحلاوتها على لذة المعصية، والتفكر في أنه لم يخلق للهوى وإنما هيء لأمر عظيم لا يناله إلا بمعصيته للهوى، وألا يختار لنفسه أن يكون الحيوانُ البهيمُ أحسنَ حالاً منه، فالحيوان قد يحسن التمييز بين ما ينفعه وما يضره، وأن يأنف لنفسه من ذل طاعة الهوى وأن يكون تحت قهر الشيطان، وأن يوازن بين سلامة الدين والعرض والمال والجاه ونيل اللذة المطلوبة وأن يعلم أن الهوى ما خالط شيئاً إلا أفسده حتى وإن كان علماً وزهداً، والشيطان ليس له مدخل على ابن آدم إلا من باب هواه، وقد شبه سبحانه متبع الهوى بالكلب، ولو تأملت السبعة اللذين يظلهم الله عز وجل في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، لوجدتهم إنما نالوا ذلك كله بمخالفة الهوى، فجاهد نفسك واستعن بالله واستشعر أنه لا حول ولا قوة إلا به سبحانه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
|
05-31-2013, 04:55 PM | #2 | |
الاداره
|
جزاكى الله خيرا
ربى يجعله بميزان حسناتك |
|
|
06-01-2013, 10:29 AM | #3 | |
نائب الاداره
|
بارك الله فيك وجزاك
عناخيرالجزاءعلى طرحك الراقى ....تحياتى |
|
|
06-02-2013, 07:03 AM | #4 | |
مشرف عام
|
جزاك الله خير وجعله بموازين.. حسنااتك..}
لا عدمناا حضوورك لروحك احترامي وتقديري |
|
|
06-10-2013, 06:05 AM | #5 | |
المشرفات
|
جزاكي الله كل خير
على ما قدمتيه لنا من فوائد وجعله ربى بميزان حسناتك دمتي في حفظ الرحمن |
|
|
06-15-2013, 05:27 AM | #6 | |
حبيب ذهبى
|
جزاكى الله الف خير على هذا الطرح القيم
وجعله الله فى ميزان اعمالك دمتى بحفظ الرحمن ودى وشذى الورود |
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|