#1
|
||||||||||||
|
||||||||||||
أنت سعيد ولكن ﻻ تدري
يا أيها القراء: إنكم أغنياء، ولكنكم ﻻ تعرفون مقدار الثروة التي تملكونها، فترمونها؛ زهدًا فيها، واحتقارًا لها. السعادة , اجمل الكلام فى السعادة السعادة الحقيقة , تلخيص كتاب صور وخواطر يُصاب أحدكم بصداع أو مغص، أو بوجع ضرس، فيرى الدنيا سوداء مظلمة؛ فلماذا لم يرها لمّا كان صحيحًا بيضاء مشرقة؟ ويُحْمَى عن الطعام ويُمنع منه، فيشتهي لقمة الخبز ومضغة اللحم ويحسد من يأكلها؛ فلماذا لم يعرف لها لذتها قبل المرض؟ لماذا ﻻ تعرفون النِّعم إﻻ عند فقدها؟ لماذا يبكي الشيخ على شبابه، وﻻ يضحك الشاب لصباه؟ لماذا ﻻ نرى السعادة إﻻ إذا ابتعدت عنَّا، وﻻ نُبْصِرها إﻻ غارقة في ظﻼم الماضي، أو مُتَّشحةً بضباب المستقبل؟ كلٌّ يبكي ماضيه، ويحنُّ إليه؛ فلماذا ﻻ نفكر في الحاضر قبل أن يصير ماضيًا؟ أيها السادة والسيدات: إنا نحسب الغنى بالمال وحده، وما المال وحده؟ أﻻ تعرفون قصة الملك المريض الذي كان يُؤْتى بأطايب الطعام، فﻼ يستطيع أن يأكل منها شيئًا، لما نَظَر مِن شباكه إلى البستاني وهو يأكل الخبز اﻷسمر بالزيتون اﻷسود، يدفع اللقمة في فمه، ويتناول الثانية بيده، ويأخذ الثالثة بعينه، فتمنَّى أن يجد مثل هذه الشهية ويكون بستانيًّا…. فلماذا ﻻ تُقدِّرون ثمن الصحة؟ أَما للصحة ثمن؟ من يرضى منكم أن يتنازل عن بصره ويأخذ مائة ألف دوﻻر؟… أما تعرفون قصة الرجل الذي ضلَّ في الصحراء، وكاد يهلك جوعًا وعطشًا، لما رأى غدير ماء، وإلى جنبه كيس من الجلد، فشرب من الغدير، وفتح الكيس يأمل أن يجد فيه تمرًا أو خبزًا يابسًا، فلما رأى ما فيه، ارتدَّ يأسًا، وسقط إعياءً، لقد رآه مملوءًا بالذهب! وذاك الذي لقي مثل ليلة القدر، فزعموا، أنه سأل ربَّه أن يحوِّل كلَّ ما مسَّته يده ذهبًا، ومسَّ الحجر فصار ذهبًا؛ فكاد يجنُّ مِن فرحته؛ ﻻستجابة دعوته، ومشى إلى بيته ما تسعه الدنيا، وعمد إلى طعامه؛ ليأكل، فمسَّ الطعام، فصار ذهبًا وبقي جائعًا، وأقبلت بنته تواسيه، فعانقها فصارت ذهبًا، فقعد يبكي يسأل ربه أن يعيد إليه بنته وسُفرته، وأن يبعد عنه الذهب! وروتشلد الذي دخل خزانة ماله الهائلة، فانصفق عليه بابها، فمات غريقًا في بحر من الذهب. يا سادة: لماذا تطلبون الذهب وأنتم تملكون ذهبًا كثيرًا؟ أليس البصر من ذهب، والصحة من ذهب، والوقت من ذهب؟ فلماذا ﻻ نستفيد من أوقاتنا؟ لماذا ﻻ نعرف قيمة الحياة؟ فيا سادة: إن الصحة والوقت والعقل، كلُّ ذلك مال، وكلُّ ذلك من أسباب السعادة لمن شاء أن يسعد. ومﻼك اﻷمر كلِّه ورأسه اﻹيمان، اﻹيمان يُشبع الجائع، ويُدفئ المقرور، ويُغني الر، ويُسَلِّي المحزون، ويُقوِّي الضعيف، ويُسَخِّي الشحيح، ويجعل لﻺنسان من وحشته أنسًا، ومن خيبته نُجاحًا وأن تنظر إلى من هو دونك، فإنك مهما قَلَّ مُرَتَّبك، وساءت حالك أحسن من آﻻف البشر ممن ﻻ يقلُّ عنك فهمًا وعلمًا، وحسبًا ونسبًا. وأنت أحسن عيشة من عبد الملك بن مروان، وهارون الرشيد، وقد كانا مَلِكَي اﻷرض. فقد كانت لعبد الملك ضرس منخورة تؤلمه حتى ما ينام منها الليل، فلم يكن يجد طبيبًا يحشوها، ويلبسها الذهب، وأنت تؤلمك ضرسك حتى يقوم في خدمتك الطبيب. وكان الرشيد يسهر على الشموع، ويركب الدوابَّ والمحامل، وأنت تسهر على الكهرباء، وتركب السيارة، وكانا يرحلان من دمشق إلى مكة في شهر، وأنت ترحل في أيام أو ساعات. فيا أيها القراء: إنكم سعداء ولكن ﻻ تدرون، سعداء إن عرفتم قدر النعم التي تستمتعون بها، سعداء إن عرفتم نفوسكم وانتفعتم بالمخزون من قواها… سعداء إن طلبتم السعادة من أنفسكم ﻻ مما حولكم، سعداء إن كانت أفكاركم دائمًا مع الله، فشكرتم كل نعمة، وصبرتم على كل بَلِيَّة، فكنتم رابحين في الحالين، ناجحين في الحياتين. دمتم بسعادة وهناء
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 12 ( الأعضاء 0 والزوار 12) | |
|
|