#1
|
|||||||||
|
|||||||||
زينة المقربين
زينة المقرَّبين
وإذا أردت أن ترتقى إلى أكثر من ذلك عليك أن ترى أخلاق الحبيب المحبوب التى رَبَّاه عليها حضرة علام الغيوب لأن هذا هو المطلوب وهي من سرِّ ونور قوله تعالى{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} إذ لما نزلت سأل الحبيب جبريل قال: ما معنى ذلك يا جبريل؟ قال: حتى أسأل العليم فذهب ثم عاد وقال: يقول لك ربك{صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ}[1] إذاً أيهما أشدُّ على النفس هل صلاة ألف ركعة فى الليل أم كظم الغيظ عن إنسان يسبُّك مع أنك تستطيع أن تنتقم منه؟الأشد بالطبع كظم الغيظ وهو المقام الأعلى والأغلى لأنها انفعالات نفسية وتوترات عصبية تستلزم من الإنسان أن يكون قوي النيَّة صادق العزيمة مع ربِّ البرية لكى يتخلص من هذه الخصلة التى نهى عنها الله والتى نوَّه بقبحها سيدنا رسول الله ولذلك كان النبي يمشي على ذلك مع الأكابر من أصحابه فقد ذكر أنَّ {أبا بكر كان عند النبي ورجل من المنان يسبه وأبو بكر لم يجبه ورسول الله ساكت يبتسم فأجابه أبو بكر فقام النبي وذهب فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله ما دام يسبني كنت جالساً فلما أجبته قمت فقال: إن الملك كان يجيبه عنك فلما أجبته ذهب الملك وجاء الشيطان وأنا لا أجلس في مجلس يكون فيه الشيطان فنزل قول الله [فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۚ][2]وقد قال صلى الله عليه وسلم فى ذلك {الْمُسْتَبَّانِ شَيْطَانَان}[3]والمؤمن لا يرضى أبداً أن تُمسخ صورته الربانية ويصبح فى صورة شيطان إذ يجب أن يكون فى صورة ملك – فى صورة روحانية عالية – فى صورة قرآنية – فى صورة فيها وراثة للحضرة المحمدية وإذا أراد ذلك عليه أن يحفظ نفسه من هذه الصفات الجاهلية وهذا يا إخوانى جهاد الأفراد الذين هم أكبر مراتب الأولياء والصالحين إذ يجاهدون فى التخلق بأخلاق القرآن والتخلص من هذه الأوصاف التى نهى عنها النبي العدنان أما باب العبادات فإن رسول الله كان يجلس مع أصحابه يتذاكرون إخوانهم وأحبابهم واسمعوا لسيدنا أنس بن مالك إذ قال {كان في عهد رسول الله رجل يعجبنا تعبده واجتهاده فذكرنا لرسول الله اسمه فلم يعرفه فوصفناه بصفته فلم يعرفه فبينا نحن نذكره إذ طلع الرجل فقلنا: هو هذا يا رسول الله إنكم لتخبروني عن رجل إن على وجهه لسفعة من الشيطان قال: فأقبل حتى وقف على المجلس- وفى رواية: فلم يسلِّم - فقال له رسول الله: أنشدك الله هل قلت حين وقفت على المجلس: ما في القوم أحد أفضل مني أو خير مني؟ فقال: اللهم نعم ثم دخل يصلي أو:ولَّى ثم دخل المسجد يصلى – فى رواية}[4] وهذا يا إخوانى هو مرض الكبر والغرور وإذا أصيب الإنسان بمرض الغرور فأعماله كلها عند الله بور وبالكاد جلس الرجل فترة بسيطة ثم ترك مجلس حضرة النبي والنبى جالسٌ مع أصحابه يفقِّههم ويعلِّمهم ترك هذا المجلس ليتنفَّل ويصلى مع أنه لو كنت بالصلاة ونادانى النبى أثنائها لوجب علىَّ أن أترك الصلاة وأذهب إليه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} وقد نادى سيدنا رسول الله يوماً على سيدنا أبى سعيد بن المعلى وهو يصلى فى المسجد فقد ورد عنه {كنتُ أُصلِّي فمرَّ بي رسولُ الله فدَعاني فلم آتِه حتى صلَّيتُ ثم أتَيتُه فقال: ما منَعَكَ أن تأتيني؟ ألم يَقلِ اللَّه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا}[5] فإذا دعاك رسول الله وأنت فى الصلاة عليك أن تُسلم وتذهب إليه وذلك لأن الرجل كان يصلى نفلاً وإجابة رسول الله فرض والفرض مقدم على النفل بل وكذلك الأب والأم – وهذا لا يعلمه أكثرنا - فإذا نادى علىَّ أبى أو أمي وأنا فى صلاة النفل فى المنزل عليَّ فوراً أن أسلم وأجيبهما أوأرفع صوتى لأعلمهما أنى فى الصلاة فإذا صمتا ولم يكررا النداء فبها ونعمت أما إذا كررا النداء وجب علىَّ أن أسلم وأجيب لأن صلاة النفل سنة وإجابة الوالدين فرض والفرض مقدم على السنة أما مجلس رسول الله فهو أمر عالٍ فقد قال فيه حضرة الله {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} أي لا يخرج أحد إلا بإذن من رسول الله وذلك لأن مجلس رسول الله أرقى من أى عبادة فقد يتعلَّم فيه شيئاً أفضل من كلِّ العبادات التى يعبدها لله أو يتعلَّم فيه ما تصلح به العبادة لله ثم قال سبحانه له {فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ} وأمَّا من أذنت لهم فهؤلاء {وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ} لماذا؟ لأنه سيفوتهم خيٌر كثيٌر بتركهم مجلس رسول الله ونعود لقصة الرجل هذا الذى ترك مجلس رسول الله وذهب إلى المسجد ليصلِّى كما يبدو من القصة ثم ولَّى فدخل المسجد فقال رسول الله : من يقتل الرجل؟ فقال أبو بكر: أنا يا رسول الله فدخل المسجد فوجده يصلِّي فقال أبو بكر: وجدته يصلي وقد نهيتنا عن ضرب المصلين فقال من يقتل الرجل؟ فقال عمر : أنا يا رسول الله فدخل المسجد فوجده ساجدا فقال: أقتل رجلا يصلي وقد نهانا عن ضرب المصلين فجاء فقال له النبي: مه يا عمر قال وجدته ساجدا وقد نهيتنا عن ضرب المصلين – وفى رواية : قال عمر أبوبكر أفضل منى- ، ثم قال : من يقتل الرجل؟ فقال علي كرم الله وجهه: أنا فقال: أنت تقتله إن وجدته فذهب علي فجاء فقال له النبي : مه يا علي قال:وجدته قد خرج فقال: أما إنك لو قتلته لكان أولهم وآخرهم وما اختلف من أمتي اثنان} وفى رواية {لوقتل هذا ما اختلف اثنان في أمتي إلى يوم القيامة}[6] وكان هذا الرجل[7] بداية الخوارج الذين انتشروا وملأوا الدنيا إلى يومنا هذا ولو كان الأصل قُتل واجْتُثَّ وقتها لما جاء الفرع إذاً فالباب الأعظم فى العبادات والذي كان عليه الصالحون والصالحات والسادات أن ينظر الإنسان فى نفسه ويغيِّر أوصافه التى لا تليق بما جاء فى كتاب الله ولا تناسب ما كان عليه حبيب الله ومصطفاه وهذا هو الجهاد الأعظم جهاد الصالحين وجهاد العارفين : هذب النفس إن رمت الوصول --------- غير هذا عندنا علم الفضول تهذيب النفس وجهاد النفس ليس فى العبادات ولكن فى تغيير العادات وتغيير الأخلاق غير المناسبة لكتاب بارئ الأرض والسموات وبعد ذلك كما قال حضرة النبي كما روى سيدنا عَبْدِ الله بنِ بُسْرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ {يا رَسُولَ الله إنَّ شَرَائِعَ الإسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ فأخبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ قالَ: لا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْباً مِنْ ذِكْرِ الله}[8] اختصر النبى الأمر وقال إن أهم شيء أن تكون مشغولاً بذكر الله وأنت تسير فى الطريق وأنت نائم وفى كل الأحوال لتدخل فى قول الله {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [1] مسند الإمام أحمد عن عقبة بن عامر [2] تفسير السمرقندى [3] مسند الإمام أحمد عن عياض بن حماد [4] عن أنس فى تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر النروزي وورد بمصنف الصنعاني عن يزيد الرقاشي وفيه قصة طويلة [5] أبي سعيدِ بن المعلى رضي الله عنه صحيح البخاري ومسلم وسنن النسائى [6] مصنف الصنعاني عن يزيد الرقاشى [7] أنه يدعى ذو الخويصرة أو ذو الثدية، وفى الإصابة فى تمييز الصحابة: الذي قتله علي ذو الثدية ولقصته طرق كثيرة جدا استوعبها محمد بن قدامة في كتاب الخوارج وأصح ما ورد فيها ما أخرجه مسلم في صحيحه وأبو داود من طريق محمد بن سيرين أن عليا ذكر أهل النهروان فقال: فيهم رجل مودن اليد أو مجدع اليد، لولا أن تنظروا لنبأتكم ما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد، فسأل: أنت سمعته قال إي ورب الكعبة، وقال أبو الربيع الزهراني: أن عليا لما فرغ من أهل النهروان قال التسموا المجدع فطلبوه ثم جاءوا فقالوا لم نجده، قال ارجعوا ثلاثا كل ذلك لا يجدونه، فقال علي والله ما كذبت ولا كذبت، قال فوجدوه تحت القتلى في طين فكأني أنظر إليه حبشي عليه مربطة إحدى ثدييه مثل ثدي المرأة عليها شعيرات مثل الذي على ذنب اليربوع، أخرجه أبو داود. [8] سنن الترمذي عن عبد الله بن بسر قال أبو عيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حسن غَرِيبٌ مِنَ هَذَا الْوَجْهِ، وأخرجه الإمام أحمد فى مسنده وأخرجه كثير غيره.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|