#1
|
||||||||||||
|
||||||||||||
العلاج بالرائحة
هناك علاقة بيننا وبين الزيوت العطرية.. نرتاح لرائحة الفل.. ونستسلم لمجرد مداعبة برائحة الريحان أو الياسمين لحواسنا.. بينما يلهمنا اللافندر والنعناع صحوة وسعادة لا ندري سببها.. وتأخذنا روائح زيوت المسك والعنبر إلى جو وعالم من الروحانية لا يخاطب فقط حاسة الشم بل يذهب إلى مناطق أبعد وأعمق من ذلك بكثير في مشاعرنا.. تماما مثلك كنت أنا لا أعرف ما هو سر تلك الحالات المتباينة من فرح ونشوة وسعادة ونشاط التي تنتابني حينما يتسلل إلى روائح الزيوت العطرية.. حتى تقابلت مع الدكتورة دنيا الجارم خبيرة التجميل الصحي والمعالجات العطرية.. وعضو جمعية الطب المصرية للعلاج بالأوزون والطب التكميلي.. وأخبرتني أنها [الأروماثربي].. وهو برنامج يوجه عقلية ونفسية الأم والأب حتى الأطفال من خلال تقديم تركيبات عطرية للعديد من المشاكل الحياتية التي تواجههما من أجل النهوض بالأسر العربية ومواكبة علم حديث اعتمد عام 1970 تحت اسم [أروماثربي] لرفع حالة الإنسان النفسية والعقلية والبدنية. تعرف دنيا الجارم في البداية الأروماثربي بأن لفظ [أروماثربي] – ويعني المعالجة بالعطور- هو مصطلح وضعه العالم الفرنسي [Reme Maunice Fattefosse] لوصف التأثير الشفائي للزيوت العطرية وذلك حين أحرق يده في المعمل 1920 أثناء عمله ووضع يده عن طريق الخطأ في وعاء به زيت لافندر بدلا من وعاء الماء ولاحظ أن الألم توقف وبرأت يده ولم تترك أثرا فبدأ بدراسة الخصائص الكيميائية للزيوت العطرية وتأثيرها الشفائي.. ولكنه لم يكن الأول الذي اكتشف الأروماثربي.. لكن سبقه إلى ذلك منذ قرون القدماء المصريون فقد كانوا أول من تعرف على الخواص الفيزيائية الطبيعية والروحية للزيوت العطرية فهم أول ما عرف تأثيرها الروحي على النفس فكانوا يبخرون بالزيوت العطرية أماكن العبادة وكانوا يستخدمونها في الطقوس الدينية ويعمدون إلى غسل أماكن العبادة بالمياه العطرية وكانت الخواص الطبيعية المطهرة المعقمة والمضادة للبكتيريا لبعض الزيوت والراتنجات [مادة حمضية شجرية] وخاصة زيت خشب الأرز واللبان الكندر والمرسببا لاستخدامهم بمثالية لأغراض حفظ جثث الموتى وإعدادها للحياة بعد البعث. وكان الكهنة الذين استخدموا الزيوت في الاحتفالات الدينية وطقوس التحنيط على علم تام ودراية كاملة بفوائد هذه الزيوت العطرية للصحة والروح وأصبحوا المعالجين في زمانهم واحتفظوا بأسرارهم واستخرجوا منها مستحضرات علاجية في صورة شراب كان لها مفعول السحر في الشفاء. لكن من أين تستخرج الزيوت العطرية.. وما هي مصادرها؟ تبادر الدكتورة دينا الجارم بأن هناك أنواعا متعددة من النباتات التي تحوى جيوبا دقيقة جدا أو غددا صغيرة جدا من الزيوت العطرية وهي زيوت جوهرية أساسية سريعة التبخر بمعني طيارة هي بمثابة روح أو جوهر النبات تحمل الخواص العلاجية للنبتة بأعلى تركيز كيمياء طبيعية ربانية تجذب حشرات التلقيح وتدفع الآفات والفطريات لتجنب النباتات آثارها المدمرة وكل زيت عطري له خصائص ومركبات كيميائية خاصة وهي التي تحدد شخصية العشب وطعمه ورائحته وخواصه العلاجية الشفائية هذه الجيوب أو الغدد توجد في أي مكان في النبتة قد تقع أعلى رأس الزهرة مثل الزيت العطري لوردة الكاموميل أو في جذور النبتة مثل زيت الزنجبيل العطري وقد توجد في لحاء بعض الأشجار كزيت خشب الورد أو بداخل أحشاء بعض حيتان البحار كحوت العنبر أو في غدة كيسية في بطن أغلي الظباء [غزال المسك]. سبحان الله صيدلية كاملة متكاملة موزعة في كل أنحاء الكون فيها من كنوز الشفاء ما يتوالي اكتشافه يوما بعد يوم وصدق رسول الله – صلي الله عليه وسلم- [إن الله تعالي لم ينزل داء إلا أنزل له دواء علمه من عمله وجهله من جهله إلا السأم] –صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم. - ما هي الطرق التي يدخل بها الزيت العطري الجسم؟ وتجيب الأستاذة دينا الجارم بأن الزيت العطري يدخل جسم الإنسان عبر ثلاث قنوات هي الأنف والرئة والجلد. ففي الحالة الأولي يدخل الزيت العطري عن طريق تجويف الأنف فيذوب العطر في مخاط ينتجه الغشاء المخاطي في تجويف الأنف هذا البخار ينتشر على شعيرات ميكروسكوبية تسمي [أهداب] التي تحول الروائح إلى نبضات كهربائية وتقوم بنقلهم إلى المخ [الدماغ]، خاصة إلى منطقة الجهاز الجوفي [الطرفي] هذا هو الجزء من المخ الذي يسيطر ويضبط الذاكرة والانفعالات والغرائز. ويرسل الجهاز الطرفي بعد ذلك رسائل كهربائية كيميائية تنتقل من الجهاز العصبي لإعطاء التعليمات أو الشفرة الشفائية لباقي أجهزة الجسم، فحين تطرق جزيئات العطر منطقة الذاكرة ومنطقة الانفعال والغرائز يختزن تأثير العطر في الذاكرة ويتحكم في الانفعالات والغرائز. وعن اختزان العطر في الذاكرة توضح الأستاذة دنيا الجارم أنه إذا استنشق الإنسان رائحة معينة وتعرض وقتها لتجربة سعيدة أو نفسية ثم مر وقت طويل قد يمتد إلى سنوات ثم شم نفس الرائحة بعينها مرة أخرى يتذكر الحدث أو الموقف بكل تفاصيله. أما تحكم ذرات العطر أو جزيئاته في الانفعال فإذا كانت خصائص الزيت العطري الذي استنشقه مهدئة مضادة للتوتر والقلق يعمل الزيت العطري على تهدئة الفرد خاصة لو كان حاد التوتر أو عصبي المزاج نتيجة لموقف انفعالي معين واستوقفتنا الأستاذة لنسأل عن أسماء الزيوت العطرية المضادة للتوتر فقالت إن زيت الريحان العطري يعرف بأنه أفضل الزيوت العطرية على الإطلاق المقوية للأعصاب، موازن للجهاز العصبي، مهدئ عام، مفيد لكل حالات الاضطرابات العصبية والخاصة التي ترتبط بمشاعر سلبية كالضعف والحيرة والتردد ونقص الثقة بالنفس والخوف والغيرة والغضب وطلبنا من الأستاذة دنيا تركيبة للتوازن الجهاز العصبي ومضادة للاكتئاب فقالت أحسن تركيبة للتوازن العصبي هي كالآتي: 2 نقطة زيت ريحان فرنساوي. 2 نقطة زيت عثر. 2 نقطة زيت ليمون. تقطر هذه النقاط الست فوق الطبقة العلوي للفواحة به ماء ساخن مقدار ملعقة كبيرة ويتم إشعال الشمعة لتعمل على تبخير جزيئات العطر ببطء فتأتي بأفضل النتائج. هناك زيوت عطرية تنشط الرغبة الجنسية وزيوت أخرى لها مفعول عكسي، فزيت الياسمين العطري بالإضافة إلى رائحته الفواحة الجميلة فهو يوصف لحالات الفتور والضعف الجنسي للرجل والمرأة فهو يزيد من الرغبة عند الجنسين وفي الهند يستعمل الزيت قبل الزواج بعشرة أيام في خلطة من زيت اللوز لهذا الغرض بالإضافة إلى مفعوله في تنعيم وتنظيف وتعطير الجسم. وعن الحالة الثانية تقول: تدخل ذرة العطر عن طريق الاستنشاق إلى الرئة، حيث تشترك في التبادل الغازي بين الحويصلات الهوائية في الرئة وشعيرات مجرى الدم ومن هنا تدخل الدورة الدموية وتدور حول جسم الإنسان ككل بتأثيرها الشفائى. والجزيء الآخر من الجزيئات تأخذ طريقها إلى المخ ويتسلم رسالة شفائية ينقلها عبر النخاع الشوكي إلى الجسم والاستنشاق هو أسرع الأساليب لدخول الزيوت العطرية إلى الجسم وأكثر الطرق فاعلية للتعامل مع الانفعالات وحالات الفكر السالبة كالإحباط والضغوط النفسية والاكتئاب والاستنشاق هو الإسعاف السريع للجيوب الأنفية ونزلات البرد وصعوبة التنفس والالتهاب الشعبي. أشكال الاستنشاق تقول د. دينا الجارم إن استنشاق بخار الزيوت العطرية ويتم من خلال جهاز خاص بذلك أو تسخين ماء وتقطير 4 نقاط من الزيوت العطرية في الماء ووضع فوطة على الرأس لمنع تسرب البخار وأغماض العينين واستنشاق بخار الزيوت العطرية ومن أفيد الزيوت العطرية للجهاز التنفسي زيت [Eucalyptus] فهو علاج كلاسيكي لمشاكل التنفس والنزلات الشعبية والجيوب الأنفية ومضاد للرشح وللعدوى وللفيروسات ومسكن للألم ومضاد للاحتقان وطارد للبلغم ومضاد فعال للسعال وللبرد يمنعه ويعالجه حتى آلام العضلات والروماتيزم. وعن الحالة الثالثة والأخيرة تقول: هي دخول العطر عن طريق الجلد: ويتم ذلك من خلال التدليك والحمامات العطرية.. لأن الزيت العطري يخترق بسهولة طبقات الجلد. نظرا لحجم جزيئاته المتناهية في الصغر وبمجرد أن يصل إلى طبقة الأدمة وطبقة الجلد العميقة . يستطيع دخول الأوعية الدموية ومن ثم يتنقل حول الجسم ككل من خلال الدورة الدموية حاملا معه رسالته العطرية الشفائية.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|