#1
|
||||||||
|
||||||||
قصة دس جبريل عليه السلام التراب في فم فرعون وحكمة القصه
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لما أغرق الله فرعون قال : { آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل } ( يونس : 90 ) ، فقال جبريل عليه السلام : يا محمد ، فلو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في فيه ؛ مخافة أن تدركه الرحمة ) رواه الترمذي .
معاني المفرادت حال البحر : طينة البحر في فيه : في فمه تفاصيل القصة على مدار التاريخ القديم لم تشهد البشريّة طاغية متجبّراً ولا باغيةً متسلّطاً كمثل فرعون حاكم مصر ، فسيرته قد سُطّرت بدماء الآلاف من الأبرياء الذين وقعوا تحت سطوته ، ذلك الفرعون الذي نُزعت الرحمة من قلبه فلم يعد لها مكانٌ للضعفاء ولا المساكين ، ولا الأبرياء والمضطهدين ، لم يرحم أمّاً ولا طفلاً ، بل أصدر أوامره بقتل الأولاد واسترقاق النساء ، فكان حقّاً كما قال الله : { إنه كان عاليا من المسرفين } ( الدخان : 31 ) . ومن إسرافه على نفسه وظلمه لها ادّعاؤه بكل عنتٍ واستخفاف الألوهيّة من دون الله ، ثم هو يسوق الدلائل الساذجة التي لا تُقنع غِرّاً ساذجاً ، كما جاء في قوله تعالى : { ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون } ( الزخرف : 51 ) ، وقوله تعالى : { وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين } ( القصص : 38 ) . وتمرّ الأيام حتى تأتي نهاية هذا الظالم ، في مشهدٍ ذكر القرآن لنا طرفاً منه ، وجاءت القصّة النبويّة التي بين أيدينا لتضيف تفاصيل أخرى لتلك اللحظات ، فبعد أن ضرب موسى عليه السلام بعصاه البحر فانفلق فكان كل فرقٍ كالطود العظيم ، سار بقومه وجاوز بهم البحر ، فأتبعه فرعون بجنوده، حتى إذا تعمّقوا في الدخول أمر الله البحر فانطبق عليهم ، ليغرق فرعون ومن معه ، قال الله تعالى : { فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم } (طه : 78 ) . وفي هذه اللحظات الحاسمة التي أوشكت فيها الروح على الخروج ، اعترف فرعون بالألوهيّة علّها ينجو من الموت ، قال الله تعالى : { حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين } ( يونس : 90 ) . ويراقب جبريل عليه السلام المشهد ، ويخشى أن تدركه رحمة الله الواسعة فتُقبل منه أوبته ، فيدفعه غيظه وحنقه أن يأخذ من طينة البحر ويدسّها في فمه ، حتى يمنعه من نطق الشهادة الصحيحة في الوقت المناسب ، ولكن هيهات أن تُقبل منه هذه التوبة وقد جاءت متأخّرةً للغاية ، قال الله تعالى : { آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ، فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون } ( يونس : 91 – 92 ) . وهكذا منّ الله على أمّة بني إسرائيل ، فبموت فرعون انتهت فصول معاناتهم ، وتنسّموا هواء الحرّية والأمن والاستقرار بعيداً عن حياة الخوف والاستضعاف والإذلال. وقفات مع القصّة قصة فرعون مليئة بالعظات والعبر التي يجدر الوقوف عندها والاستفادة من أحداثها ، ولعلّ أهم ما نستفيده منها بيان ملامح سنّة الله تعالى في إهلاك الظالمين ، فنقول أولا : قد يتمادى الطاغية في ظلمه ، ويعيث في الأرض فساداً ، فلا ينزل عليه العذاب ولا يستحق العقاب مباشرة ، بل نرى الله سبحانه وتعالة يُمهله ويعطيه الفرصة الكاملة للتوبة والإنابة ، وهذا هو عين ما حدث لفرعون فقد ظلّ على عتوّه وجبروته وادعائه للألوهيّة سنين عدداً ، ثم جاءه العذاب في نهاية المطاف ، على النحو الذي بيّناه سابقاً . وما إهلاك الله للظالمين إلا بسبب ذنوبهم التي اقترفوها ، ويشير ربّنا عز وجل إلى ذلك في قوله : { كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكلٌّ كانوا ظالمين } ( الأنفال : 54 ) . والعجب هنا يتملّكنا من فرعون ، فقد رأى بعينيه البحر ينفلق فلقتين ، وهو يعلم يقيناً صدق موسى عليه السلام ، وكان بإمكانه الهروب أو التراجع وفق منطق العقل ، لكن ذلك لم يكن ليُرضي غروره وغطرسته ، حتى لاقى مصيره المحتوم . ووقفة أخرى مع فضل هذا اليوم العظيم الذي أنجى الله فيه موسى عليه السلام وأظهره على عدوّه ، فقد كانت اليهود تحتفل به شكرا لله ، كما في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة واليهود تصوم عاشوراء ، فقالوا : هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : أنتم أحق بموسى منهم فصوموا ) . وفي عدم قبول توبة فرعون في هذه القصّة إشارةٌ إلى أن من شروط التوبة أن تكون في زمن الإمكان والمهلة ، أما وقد بلغت الروح الحلقوم ، ووصل الإنسان إلى حال الغرغرة ، فهناك لا تنفع التوبة ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ) رواه الترمذي و ابن ماجه . ووقفة أخيرة مع درس من أعظم الدروس ، وهو أن النصر والعزّة والتمكين للأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين أمرٌ لابد منه ولو طال الزمن ، أو تأخّر النصر .
الموضوع الأصلي :
قصة دس جبريل عليه السلام التراب في فم فرعون وحكمة القصه
-||-
المصدر :
منتديات حبة حب
-||-
الكاتب :
أسد العرب
|
01-26-2012, 07:09 AM | #2 | |
:: الإدارة ::
|
|
|
|
12-03-2014, 05:41 PM | #3 | |
مشرف قسم
|
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
|
|
|
12-04-2014, 01:59 AM | #4 | |
مشرف قسم
|
|
|
|
12-04-2014, 03:55 AM | #5 | |
:: الإدارة ::
|
|
|
|
12-04-2014, 07:01 AM | #6 | |
المشرفات
|
|
|
|
12-08-2014, 06:40 AM | #7 | |
مشرف عام
|
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . |
|
|
04-09-2016, 12:52 AM | #8 | |
حبيب مميز
|
|
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|