#1
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لا تفاضل ولا تفاخر في الإسلام إلّا بالتقوى
(تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ وَلا فَسَادًا...) (القصص/ 83). قال الله تعالى في (الآية 18 من سورة لقمان): (... إِنَّ الله لَا يُحبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)، قال رسول الله (ص): "إنّ الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد". إنّ العجب والتفاخر والمباهاة من الآفات الخطيرة التي يمكن أن تصيب نفس الإنسان، فتصرفه عن الثناء على المنعم عزّ وجلّ، إلى طلب الثناء من الناس بما لا يستحق، وتشغله عن الإنكسار والخضوع لله الخالق بالتكبّر والتعالي على خلق الله. ولهذا قال رسول الله (ص): "ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه"، وفي بيان خطورة تلك الآفات على الفرد والمجتمع تتحدّث الدكتورة رشيدة عبدالسلام. وتستهل حديثها موضحة أنّ من آيات الله عزّ وجلّ أن خلق الناس مختلفين في كثير من الأمور، فكلٌّ له طباعه وأخلاقه وتصرّفاته التي تختلف عن غيره. كما أنّهم ليسوا متساوين في أنسابهم وأعراقهم وأوضاعهم المادية وامتداداتهم الأسرية، قال تعالى في (سورة الزخرف في الآية 32): (... نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا...)، ولله عزّ وجلّ حكمة في ذلك، ولكن هذا الإختلاف لا يعني أفضلية أحد على أحد. فليس الغني بأفضل من الر، ولا ذو الحسب والنسب بأفضل من ذي النشأة المتواضعة، لأنّ كلُّ ما يتمتع به المرء هو رزق من عند الله عزّ وجلّ يهبه لمن يشاء من عباده. والأفضلية أساسها التقوى، التي تتضمّن كل معاني الخير والصلاح في النفس ومع الآخرين، إلا أنّ بعض الناس قد يجعل من نسبه أو وضعه الإجتماعي أو المادي مصدراً للفخر والمباهاة، وقد نهى ديننا الحنيف عن التفاخر والتعالي على الناس بسبب النسب، وجعله من بقايا الجاهلية. قال رسول الله (ص): "أربع في أمتي من خصال الجاهلية لا يتركونهنّ: الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب، والاستقساء بالنجوم والنياحة". وفي صحيح مسلم أن رسول الله (ص) قال: "مَنْ أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه". إنّ للنسب مكانة بين الناس، لذلك لم يأت الإسلام بإلغائه نهائياً، وإنّما دعا إلى تهذيبه وعدم التفاخر والتعالي على الناس بسببه. وما جعل الله الناس شعوباً وقبائل إلا لأجل أن يعرف بعضهم بعضاً بتميز القبيلة والجنس كالتميّز بالاسم لا لأجل التفاخر، قال تعالى في (الآية 13 من سورة الحجرات): (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). - ألوان من التفاخر: كما نهى الإسلام عن التفاخر والمباهاة بالمال، وبين أن ملكيته الحقيقية لله عزّ وجلّ، فقال تعالى في (الآية 284 من سورة البقرة): (لِلهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ...)، وأن الإنسان مستخلف في ما خوله من فضله ومنحه من رزقه، قال تعالى في (الآية 165 من سورة الأنعام): (... وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ...)، يقول ابن عطية: ليختبركم في الذي أنعم به عليكم، أي امتحنكم ليختبر الغني في غناه ويسأله عن شكره، والر في فقره ويسأله عن صبره. وفي صحيح مسلم أنّ النبي (ص) قال: "إنّ الدنيا حلوة خضرة، وإنّ الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون"، لذلك على المسلم ألا يفخر ولا يباهي الآخرين بماله، بل عليه أن يعرف أنّ الله عزّ وجلّ هو مَنْ وهب ومنح، وأن من واجبه الشكر وصرفه في وجوهه الشروعة. قال رسول الله (ص): "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره في ما أفناه، وعن جسده في ما أبلاه، وعن علمه في ما عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفي ما أنفقه". وهناك أسباب أخرى تدعو بعض الناس إلى المباهاة والتفاخر كالمنصب والعلم والجمال علماً بأنّ الله عزّ وجلّ هو المنعم عليهم بإيجادهم وإيجاد أعمالهم، فلا معنى لعجب عامل بعمله، ولا عالم بعلمه، ولا جميل بجماله، إذ كل ذلك من فضل الله تعالى وإنّما الإنسان محل لفيض النعم عليه، وكونه محلاً لها نعمة أخرى تستوجب الشكر والخضوع. ولنا في رسول الله (ص) أسوة حسنة، فقد كان مثالاً في التواضع: يرقع ثوبه بنفسه، ويحلب شاته، ويجلس على الأرض، ويصافح الغني والر. - ثمار التواضع: إنّ للتواضع وخفض الجناح ثماراً طيبة وآثاراً إيجابية على الفرد والجماعة، كالتحابب والتكافل والتآخي ونظافة المجتمع من الحقد والكبر والأنانية، قال رسول الله (ص): "لا تباغضوا ولا تدابروا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخواناً". إنّ الإنسان الذي يلزم التواضع ويجعله دينه في الحياة تصدر عنه الخصال الحميدة من الرأفة والرحمة وحسن الخلق وسلامة الصدر، لذلك نجد الله عزّ وجلّ يعد المتواضعين الذين لا يقوم في نفوسهم خاطر الاستعلاء والمباهاة بما أنعم الله عزّ وجلّ عليهم بقوله في (سورة القصص الآية 83): (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ للْمُتَّقِينَ). هكذا يتبيّن لنا أنّ الإسلام يمنع التفاخر الذي يؤدِّي إلى ازدراء الآخرين وإحتقارهم. أمّا الإعتزاز بما قدمه الأسلاف ومواصلة طريقهم في البذل والعطاء فمرغوب فيه، لأنّ المنهج الإسلامي هو منهج الوسطية والإعتدال، لا يحرم الإنسان من أخذ حظه من متاع الدنيا، بل يحضه على ذلك ويكلفه به تكليفاً كي لا يزهد الزهد الذي يهمل الحياة ويضعفها، قال تعالى في (سورة القصص في الآية 77): (... وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا...). فالمال والصحة والجمال والمنصب وعراقة النسب هبة من الله عزّ وجلّ وإحسان، على المرء أن يقابلها كذلك بالإحسان، إحسان التصرُّف فيها والشكر عليها مصداقاً لقوله تعالى في (الآية 77 من سورة القصص): (وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ...).
الموضوع الأصلي :
لا تفاضل ولا تفاخر في الإسلام إلّا بالتقوى
-||-
المصدر :
منتديات حبة حب
-||-
الكاتب :
معانى الورد
|
01-18-2012, 10:25 PM | #2 | |
:: الإدارة ::
|
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
|
|
|
01-19-2012, 10:52 AM | #3 | |
حبيب فضى
|
|
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|