10-12-2012, 08:16 PM | #11 |
مشرف قسم
|
مدينة البحيرات والمساكن الملوكية
آنيسي (فرنسا): سيمون نصار لا يمكن لأي مدينة أن تضاهي جمال فينيسيا ومكانتها عالميا، هذا على الأقل ما يقوله الإيطاليون عن مدينتهم الجميلة، ذات الخصوصية الفريدة حول العالم. وعلى الرغم من أن هذا قول محق في جانب كبير منه، ويجانب الحقيقة، فإنه مجحف ببعض المدن، التي لها تاريخ فينيسيا مع الماء، ليس ماء البحر الذي تتربع المدينة إلى جانبه منذ ولدت، بل ماء البحيرات الذي تتربع مدن كثيرة على ضفافها منذ ولدت أيضا. من هذه المدن تقف مدينة آنيسي (Annecy) الفرنسية شبه وحيدة بين مثيلاتها. فالمدينة الفرنسية الواقعة في منطقة سافوا في جبال الألب تجاور واحدة من كبرى بحيرات أوروبا على الإطلاق بمساحة تبلغ نحو 28 كيلومترا مربعا، أي ما يوازي مرة ونصف حجم عاصمة سويسرا القريبة، جنيف. البحيرة الضخمة التي تعتبر مفخرة منطقة جبال الألب وأكبر بحيراتها بعد بحيرة ليمان، التي تتقاسمها كل من فرنسا وسويسرا، تتوسط مجموعة من جبال الألب الشهيرة، وهي بعمق يصل في بعض الأماكن إلى اثنين وثمانين مترا، وبطول 14 كيلومترا وعرض يصل في بعض الأماكن لأربعة كيلومترات ويغذيها نهر تيو (Thiou) المحلي، وهو أصغر أنهار فرنسا، كما يغذيها نهر الرون (Rhone) الكبير بشكل غير مباشر بعد دخوله إلى الأراضي الفرنسية، قادما من سويسرا. وتمتاز البحيرة بمياهها الباردة طيلة أيام السنة، كما أنها من أنقى بحيرات أوروبا، وهي الثالثة في الترتيب لناحية نقاوة مياهها في أوروبا كلها، مما يجعلها من أكثر البحيرات الصالحة للسباحة والألعاب المائية. لكن البحيرة التي يغذيها النهر الصغير القادم من أعالي جبال الألب، ليست وحدها الشيء الساحر في المنطقة. بل هي المدينة التي يخترقها النهر بكامل أحيائها تقريبا على شكل قنوات مائية وسدود صغيرة ليصل في النهاية إلى مصبه بالقرب من ضفة نابليون الثالث على البحيرة مباشرة. والحق أن مدينة آنيسي الصغيرة نسبيا، خاصة في الجزء القديم منها، تمثل العصور القديمة، فقد بدأت كقرية صغيرة إلى جانب البحيرة في القرن الأول الميلادي. ثم توسعت في العصور الرومانية والحقب الملكية الأوروبية، كما أنها كانت لفترة طويلة المقر الرسمي للدوقيات، التي كانت تحكم في جنيف، وعلى طرف بحيرتها الشهيرة تتربع عدة قصور مهمة جدا، كان لها تأثير في تاريخ أوروبا، لما شهدته من أحداث غاية في الأهمية على المستوى التاريخي. وفي تاريخ فرنسا أيضا، حيث إن الثورة الفرنسية في بدايتها انطلقت في غرونوبل، ثم في آنيسي وباقي مناطق فرنسا الأخرى وليس في باريس كما هو معروف. لكن هذا مجرد تاريخ، والسياح عادة، يهتمون به بقدر خفيف وبسيط. لكن اليوم فإن التاريخ يدخل في السياحة، وفي قصور آنيسي الكثيرة لا نجد التاريخ فقط بقدر ما نجد أشياء جديدة، بدأت هذه الأماكن تستضيفها. اشتهرت المدينة في الماضي بكونها منطقة ذات طبيعة ساحرة وخلابة، وقد بقيت كذلك حتى اليوم، ولذلك فقد بنيت فيها عدة قصور، أكبرها قصر آنيسي، الذي كان مسكنا لدوق جنيف، الذي كان يتصل بالقرابة لعائلات سافوا. القصر الذي بني في القرن الثاني عشر وبقي مقرا دوقيا حتى القرن السادس عشر. ثم في القرن السابع عشر، حيث بدأت تتحول إلى مراكز عسكرية، إلى القرن العشرين، حيث فتحت أمام الناس وبدأت تستخدم كمتحف للفنون، وعلى عادة كل المباني الأثرية التي يستفاد منها في أشياء ونشاطات ثقافية وترفيهية. والزائر اليوم للمدينة الجميلة، يزور عددا من القصور التي أصبحت أماكن تعبر ليس فقط عن التاريخ، بل عن روح الثقافة الفرنسية وروح ثقافة المنطقة نفسها. وتتميز مدينة آنيسي القديمة بأن طرقاتها وساحاتها كلها تجاور أقنية نهر تيو الذي يتشعب على شكل أقنية صغيرة ومتوسطة في كل أنحاء المدينة. وهي من المدن النادرة التي بنيت على المياه، وتشبه في هذه الخاصية مدينة سان بطرسبورغ الروسية، ومدينة غاند البلجيكية. وهي في الصيف تعج بالسياح من كل حدب وصوب، ونادرا ما يمكن للمرء أن يجد غرفة في فندق طوال أشهر الصيف. فما يميز المدينة ليس فقط كونها تضم البحيرة والقنوات المائية، بل لكونها تقع في سلسلة جبال الألب الشهيرة الخضراء طيلة السنة باستثناء أيام الشتاء الثلجي. وهذه الخاصية الفريدة ستستضيف بسببها الألعاب الأولمبية الشتوية في عام 2018، حيث ستكون ساعتها وجهة العالم. والمدينة اليوم تتحضر بكل قوة لهذه المناسبة التاريخية. وهي خاصية تتيح للسائح أو الزائر التجول في هذه الجبال، ورؤية مناظر من أجمل المناظر الطبيعية في العالم. وكأي مدينة سياحية يوجد في آنيسي عشرات الفنادق والمنتجعات السياحية ومن كل المستويات والدرجات. وهذا ما يعطي فرصة لكل الذين يرغبون في زيارتها فرصة الزيارة. ويعتبر فندق أمبيريال بالاس أحد أكبر فنادقها، وهو يقع مباشرة على شاطئ البحيرة وتحيط به حدائق غناء جميلة ويمتاز، إلى هذا، بإطلالته الساحرة على كامل البحيرة. كما تضم فندق الجزيرة الصغيرة في قلب المدينة، وهو مبنى صغير من القرن السادس عشر، بني على قطعة أرض صغيرة يحيط بها النهر من كل الجوانب، وتقع في قلب المدينة التاريخية. هذا إلى جانب عشرات الفنادق الصغيرة والنزل والشقق الجاهزة للسياح كوسيكا يطلق على كورسيكا باللغة المحليّة والإيطاليّة اسم كورسيكا المستخدم بالعربيّة،أما بالفرنسيّة، فهو كورس. Corse هي رابع جزيرة في حوض البحر الأبيض المتوسّط من حيث المساحة بعد صقلّية وسردينيا وقبرص. تُلقّب كورسيكا بـ "جزيرة الجمال"، لما تتحلّى به من ألوان متباينة: الأزرق كبحرها الشاسع، والأخضر كأشجار صنوبر لاريسيو المنتشرة فيها. كورسيكا التي وُصفت "بذلك الــجــبــل فــي وســـط الــبــحــر"، جــزيــرة تمتدّ فيها الشواطئ الرمليّة على طول ما يزيد عن 600 ميل، تكلّلها المنحدرات الصخريّة الشامخة التي يصل ارتفاعها إلى 9000 قدم. تقع في قلب القسم الغربي من البحر الأبيض المتوسّط. يسهل الوصول إليها جوّاً وبحراً، وهي على بعد 110 أميال فقط من الساحل الجنوبي الشرقي لفرنسا. ولأنّ الجزيرة قريبة من إيطاليا وفرنسا، فهي تتمتّع بالشخصيّتين وتعتبر اللغة المحليّة إيطاليّة الأصل أكثر منها فرنسيّة. تضمّ الجزيرة تضاريس متباينة، فيها الكثير من المرتفعات والجبال لدرجة يمكن وصفهابالجزيرة الجبليّة وعلى رأسها وأعلاها جبل "مونتي شينتو" (Monte Cinto) حوالى 3 آلاف متر عن سطح البحر، إضافة إلى 20 قمّة أخرى لا يقلّ ارتفاعها عن الفي متر عن سطح البحر. وفيما تعتبر المناطق الساحليّة المخصّصة للزراعة والسكن والسياحة، مناطق متوسّطية الطبع والمناخ والثمار، فإنّ قمم الجبال أكثر برودة وأمطاراً ومليئة بأحراج شجر الصنوبر والسنديان والفلّين وغيرها من الأشجار المعمّرةوالمفيدة. يستخدم الــرعــاة هذه المناطق أكثر من غيرها، لذا تعتبر من المناطق الجيّدة والنظيفة بيئيّاً وصحيّاً. هوية : لم تتعرّض هذه الجزيرة للزحف العمراني ومشاريع التطوير السياحي الــحــديــثــةالــتــي انــتــشــرت خــلال السنوات القليلة الماضية. فهي لا تزال محافظة على بعض من هويّتها الطبيعيّة والتاريخيّة ولا تزال من الجزر القليلة المحافظة على أجوائها الفريدة والخاصة والقديمة. كما وأنّها لا تزال تعتبر محميّة سياحيّة غير مستهلكة للكثير من الناس. فــي كورسيكا واحـــد مــن أطــول الخطوط الجبليّة التي تستخدم لــرحــلات السيرعلى الأقـــدام أو ما يعرف بـ "جي آر" 20 (20( GR أو جبل "فـــرا لــي" Fra li monte الــذي يبدأ من جنوب الجزيرة إلى شمالها، أي من كونزا إلى كالينزانا .Calenzana ينقسم الخط الجبلي المثالي للسياحة الجبليّة إلى قسمين: الشمالي وهو الأصعب، من كالينزانا في إقليم هوت ـ كورس إلى فيزافونا Fizzavona في الوسط،والجنوبي من فيزافونا إلى كونكا . Conca وبالطبع، لأنّ الجزيرة جبليّة في معظمها،فإنّها غنيّة بالأنهار والشلالات والبحيرات الجميلة. محميات : في الجزيرة أيضاً، واحدة من أهمّ المحميّات الطبيعيّة الجبليّة في المتوسّطوأوروبـــا. تعتبر محميّة Parc Naturel Régional de Corse التي اعتمدت العام 1972من المناطق التي تعتبر إرثا إنسانيّاً بالنسبة إلــى منظّمة اليونيسكو التابعةللأمم المتّحدة، إلى جانب اللغة المحليّة "كــورســو" Corsu المهدّدة بالانقراض. تضمّ المحميّة الكثير من أنواع الطيور والحيوانات والنباتات النادرة، منهاغزالكورسيكا Corsican red deer ومع هذا، فهي من الجزر التي تتمتّع بشواطئ رائعةوطويلة، وتضمّ الجزيرة ما لا يقلّ عن 200 من الشواطئ البحريّة الرائعة والشهيرة منطقة بروبريانو)، وتعتبر هــذه الــشــواطــئ مــن أهم العوامل الجاذبة للسيّاحمن جميع أنحاﺀ العالم. سياحة بحرية : كما تعتبر السياحة البحريّة فــي الجزيرة عماد وقلب الحركة السياحيّة في الجزيرةالهادئة والخلابة. فضلاً عن السيّاح من جميع أنحاﺀ العالم، عــادة ما تستقطب الكثيرمــن السيّاح الفرنسيين أنفسهم ويليهم الأوروبيون. تتركّز السياحة عادة في مناطق بروبريانو Propriano وبــورتــو فيكشيو Porto Vecchio وبونيفاسيو Bonifacio وكالفيCalvi ويقال إنّه في القرن السادس عشر، فرض حاكم مدينة جنواالإيطاليّة، على المزارعين والفلاحين والسكان زراعـــة أربــع أشــجــارســنــويّــاً، منها الزيتون والبلوط والتين والتوت. وتعرف الجزيرة بعسلها ونوعيّته الممتازة حول العالم، وتنتج الكثير من النقانق والأجبان البلديّة. ولأنّها مختلطة الهويّة، يكثر فيها طعام البيتزا والباستا الإيطالي وحليب الــمــاعــز ولــحــم الأرانـــــب والكثيرمــن أنـــواع السمك الــنــهــري مثل "الترويت". يعتبر الـــوصـــول إلـــى مدينة بــونــيــفــاســيــو جــنــوبــاً عــبــرالبحر مذهلاً، حيث يمكنك حينها رؤية الجُرُف المكتسية باللون الأبيض، والكهوف المظلمة على جوانب الجُرُف، التي تنعكس منها الشموع المتدلّية من الــرواســبالكلسيّة داخل المغارات، بينما عملت الرياح على تآكل الرواسب الصخريّة، التي يبدوالبعض منها بحجم البنايات السكنيّة الضخمة في مانهاتن. وقد كشفت جزيرة كورسيكا عن نفسها على أنّها بديل مميّز لمدن جنوب فرنسا المشهورة بمنتجعاتها السياحيّة. أصالةفريدة، والعديد من الأشخاص المشهورين يأتون إلى زيارة الجزيرة. بعد ذلك، يمكنك أنترسي عند فندق كاسا ديل مار في مدينة بورتو فيتشينو، وهو الفندق الوحيد في كورسيكاالذي يضمّ مرسى لليخوت. سرعان ما أحدث هذا الفندق ـ الذي صمّمه جــان بودين ضجّةكبيرة، وجذب إليه الكثير من الأشخاص من أمثال جورجيو أرماني ومارك جاكوبس. وبــحــلــول الــمــســاﺀ فـــي بــورتــو فيتشينو، يمكنك المضي إلى الشوارع القديمة في القرية، وسوف تجد حينها القرية وهي تتحوّل إلى قبلة كورسيكا للحياة الليليّة، حيث تكتظّ الشواطئ بالروّاد، كما تمتلئ المقاهي بالجالسين لاحتساﺀ الــمــشــروبــات المختلفة والغريبة في الوقت نفسه. - إذا أبحرت الى شرق من بونيفاسيو، ستمرّ على ملعب للغولف، مطلّ على البحر صمّمه روبرت ترينت جونز، ويضمّالكثير من الفيلات وفي هذا المكان سيحاول لاعبو الغولف فيه مراراً قذف كرات الغولف في مياه البحر، حتّى يبرروا ذهابهم للغطس في مياهه الفيروزيّة مدينة نابليون الجزيرة، كانت مسقط رأس نابليون بونابرت ولا يزال منزل والده جوسيب بونابرتموجوداً حتى الآن رغم تحويله إلى متحف خاص وإرث وطني في شارع سانت شارلزSaint-Charles في العاصمة أجاكسيو. الجزيرة الخلابة، فهي كانت مأهولة بالسكان منذ العصر الحجري المتوسط أي العصرالذي شهد تطوّر التقنيّة واستخدام الأدوات عند الإنسان القديم. وقد مرّت بفترتين تاريخيّتين شكّلتا معالمها الحضاريّة وهما الفترة التي كانت تحت السيطرة اليونانيّةالمتوسطيّة والفترة التي شهدت استيطاناً كبيراً من قبل ما يعرف بـ "ايتروسكان" Etruscan أو حضارة التي يعود أهلها إلى المناطق الوسطى الشماليّة من إيطاليا، وبعدأفول نجم الإمبراطوريّة الرومانيّة، رست على حكم مدينة جنوا وفي العام 1729 بدأت الحركة الوطنيّة في كورسيكا لنيل الاستقلال ضد أهل جنوا، وفي الى ان اشترتها فرنسامن حكّام جنوا. ومنذ العام 1771 تمّ ضمّها إلى فرنسا واعتبرت منذ ذلك الحين مقاطعةمن مقاطعاتها الـ 26 ورفضت منح الاستقلال التام إلى أهلها. تحاول فرنسا حاليّاً إقناع أهل الجزيرة بقبول نوع من أنواع الحكم الذاتي المحدود، في الوقت الذي تجد فيهصعوبة في القضاﺀ على الحركة الوطنيّة هناك، التي يصفها البعض بأنّها أشبه بحركةالمافيا في جزيرة جبال الألب الفرنسية |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|