ننتظر تسجيلك هـنـا

 

 

 


الإهداءات


العودة   منتديات حـــبة حــب > هஐ¤ღ المنتدى الادبى ღ¤ஐه > ~ منتدي القصص والحكآيات ~

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 03-19-2013, 09:24 AM
مشرف قسم الفوتوشوب
غسان غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 85
 تاريخ التسجيل : Dec 2011
 فترة الأقامة : 4663 يوم
 أخر زيارة : 03-01-2018 (05:44 PM)
 المشاركات : 4,032 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي في المصعد ( قصة قصيرة )









في المصعد

وقف أمام البناية ، ذات الطوابق العشرة ، ورفع رأسه إلى الطابق الأخير ، وصرّ عينيه أمام قرص الشمس ، وتأكد من مظهره أمام الباب الزجاجي ، ثم إنه ارتقى السلالم في ثبات ٍ ، ووقف أمام المصعد ، وانتظر بجانب رجل ٍ ، حمل في يده حقيبةً سوداء ، وخبأ عينيه خلف نظارة ٍشمسية .

مستنداً إلى الحائط ، وممسكاً بسيرته الذاتية ، أعاد النظر إلى تفاصيلها بسرعة ٍ ، وأزعجه وجود بعض الأخطاء المطبعية في سطورها ، فلوىّ شفتيه في امتعاضٍ ، ومسح بباطن كفه على وجهه ، كأنه يعيد ترتيب وجهه من جديد .

مد يده صوب باب المصعد لحظة وصوله ، فخرج منه رجلٌ مسن ٌ يتكىءُ على عكازٍ ذو انحناءةٍ في أعلاها ، كإنحناء ظهره ، ثم إنه نظر في إيماءة ٍ لصاحب الحقيبة ، أن تفضل إلى المصعد ففعل ، دونما شكر .

حاول أن يتجاهل انعدام اللباقة عند صاحبه ، وأُقِفل باب المصعد عليهما ، وضغط الزر إلى حيث نظر ، ومد الآخر يده إلى الزر التاسع ، واتخذ من الجانب الأيمن ركناً له ، وأعاد النظر إلى سيرته للمرة الأخيرة .

الساعة تقترب من التاسعة صباحاً إلاّ دقائق عشر ، والتوتر عنده في تصاعد ٍ كتصاعد أرقام الطوابق المضيئة فوق الباب ، وهو يراقبها في وجل .

مسترقاً النظر إلى صاحب الحقيبة بين الفينة والأخرى ، خُيل إليه بأنه رأى ابتسامة ظفر ٍ على محياه ، لم يدرك سببها ، بيد أن توقف المصعد فجأة ً ، بترها .
حدثته نفسه بأن حظه العاثر قد افتقده من جديد ٍ ، وهمَ في كيل اللعنات على الظروف ، لكن رباطة جأشه لم تخذله هذه المرة فصمت ، وشعر بأنفاس صاحبه تعلو رويداً رويدا ، فسأله في ترددٍ عن حالته ، فارتدت إليه كلماته خاويةً من أي رد ، والخوف زحف إلى صدره حين ضغط على زر الإنذار دون فائدة ، وتلبسته الظنون حول هذا الشخص ، فطرق على الباب ، وأرسل نداءات استغاثة لعل أحداً في الخارج يسمعه .. دون جدوى .

عشر سنتيمترات تقريباً تفصله عن الطابق السادس ، وعيناه تحملق في سقف المصعد ، تكاد يده تصله إلا قليلا ، ثم إنه قال لصاحبه ( إن لم تساعدني سنهلك ..! ، أعطني حقيبتك أرتقيها وأستعن بها لبلوغ السقف ) ..

أماط صاحبه عن عينيه لثامها ، وبدت – خلفهما – عينان خضروان متقدتان ، وقال في توكيدٍ – أنت هالك هنا لا محالة ، سواء ارتقيت أم لم ترتق ِ ..! لم يبقَ أمامنا إلا عشر دقائق ويأتي أمر الله ..! الخيرة فيما اختاره الله .

تسمّر في مكانه لوهلةٍ ، وتلبسته الحيرة والهلع من كلمات صاحبه ، ونظراته تحمل في طياتها أسئلةً كثيرة ، بيد أن مشاعر الغضب من سلبية صاحبه كانت أكبر من حيرته ، ورغبته في الخروج من هذا المأزق ، جعلته يتسلق في صعوبةٍ إلى السقف ، وصاحبه يقرأ قرآنه بآيات الشهادة ..!

ولما أدرك السقف ضربه بمرفقه مراتٍ عديدة ، وكاد أن ينجح في فك حصاره المفاجىء هنا ، لولا انزلاق قدمه ، فهوى على أرض المصعد بجانب صاحبه ، الذي ما انفك يطالع حقيبته في ترقب لشيء سيحدث قريباً ..

- أسألك بربك ماذا يوجد في هذه الحقيبة ؟ لمَ لا تساعدني يا رجل ؟
- يوجد بها الخلاص والشهادة ..!
- ماذا تقصد بالله عليك ؟
قال جملته الأخيرة وهو عالقٌ بين ألم ساقه ، وغموض كلمات صاحبه ..

- حسناً .. بعد خمس دقائق ستنفجر هذه القنبلة .. وأشار إلى الحقيبة ، مقدرٌ لك أن ينتهي بك المطاف هنا ، فاقرأ قرآنك واستغفر ..

كلمات صاحبه أنسته كل ألمٍ شعر به ، وبين الدهشة والخوف سأله في رجاء عن السبب ..

- الملحق الثقافي الأمريكي موجود في الدور التاسع ، وحان موعد إزالته تماماً من الوجود .. لا تخشَ يا رجل ستكون شهيداً .. ! ابتسم .

عند خروجه من المنزل ، توقع أشياء كثيرة ، أن يتعثر عند عتبة الباب مثلاً ، أو أن تتأخر الحافلة كعادتها ، لكنه أبداً لم يتوقع أن تكون نهايته هنا ، وبأن الناس سيصفونه بأنه إرهابي ، وبأن التاريخ سيدون في دفتره ذلك .. وحمد الله بأن فقره كان محقاً في عدم زواجه حتى الآن ..!

هواجس ٌ عصفت بذهنه ، ولا زال صاحبه يقرأ قرآنه ، وينظر إلى حقيبته ، يرتقب الحدث .
لم يكن لديه شكٌ في أن جهازه النقال غير نافعٍ هنا ، لكن رغبته في الحياة أجبرته على المحاولة لمراتٍ عديدة ، وثوانيه في الحياة تتضاءل ، وصور من أحبهم تتوالى سريعاً في ذاكرته ..
فكر لو أنه لم يُغضب والدته هذا الصباح ولم يتذمر من نصيحتها ، وفكر لو أنه أعطى تلك المتسولة درهماً أو درهيمن عند باب بنايته ..

اتسعت عيناه فجأةً ، ووثب واقفاً رغم ألمه ، وتعثرت الكلمات على طرف لسانه ، وهو ينظر إلى صاحبه لحظة عودة الحياة إلى المصعد ، حتى صمت الآخر عن تلاوة قرآنه ، وقال له وهو يغادر المصعد إلى المركز الثقافي ( لا تجزع يا أخي إنك - بإذن الله - من الشهداء عند الله في جنة عدن ) .
استجمع ما تبقى من قوته ودفع باب المصعد ، وتدحرج على السلالم ، وقد تطايرت سيرته الذاتية ، وصاحبه يصيح عليه أن انتظر .. انتظر .. سأخبرك أمراً .. انتظر
ولمّا أدرك باب البناية ، دفع الحارس في خوفٍ ، وصاح البناية ستنفجر .. ستنفجر ..

الدور التاسع

عند دخوله باب الملحق الثقافي ، وضع حقيبته على طاولة الاستقبال ، ثم إنه نظر من خلال النافذة إلى باب البناية ، فوجد صاحبه وقد ألقى بجسده على الأرض ودفن رأسه بين راحتيه فابتسم ، وقال لموظف الاستقبال
- هل أخبرت شركة الصيانة عن عُطل المصعد المتكرر ..؟
- نعم .. وهم في الطريق إلى هنا ، الضيوف ينتظرونك في مكتبك سيدي .
- أترى هذا الرجل المغشي عليه عند باب البناية .. ؟ اذهب فأحضره إلى هنا ، وترفق به ، وجدوا له وظيفة تناسب سيرته الذاتية ، ستجدها متناثرة على السلالم ..
- بأمرك يا سيدي .




"

 

الموضوع الأصلي : في المصعد ( قصة قصيرة )     -||-     المصدر : منتديات حبة حب     -||-     الكاتب : غسان



 توقيع :

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


Rss  Rss 2.0  Html  Xml  Sitemap 


الساعة الآن 02:32 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010