حكايات عن السبوع

حكايات عن السبوع سر السبع حبات و دق الهون «متعلّقة كمام النونو في ديل الفُستان»، أيام سبعة خطاها «النونو» في طريق الحياة، بأيدٍ مُنمنة، وأقدامٍ صغيرة، وملامح هي عنوان للصغر والرقة، مليئة بتعبيرات الأمل الجديد، تملأ الدار بهجة من إمضاء القادم المخترق رحم والدته إلى الفضاء الواسع، وتُزيّن الجدران «على حِسه»، ويُدعى الأقرُباء والمعارف لتقاسُم الفرحة، وإقامة الاحتفال الذي عرف فيما بعد بـ«السبوع». من قديم الزمان، وبهجة قدوم المولود الجديد، بعد تسعة أشهُر من التكوين داخل الأُم، لها مذاق خاص، وطقوس بعينها، منذ الحضارة المصرية القديمة، وحتى السُكان المصريين الذين واصلوا الاحتفال امتدادًا لهذه الحضارة، وقد كان لكُل عصر تدخُلاته على شكل الاحتفال، حتى وصل لما هو عليه الآن. ونقدم هنا أبرز طقوس «السبوع» المصري، لتذكرَك بأيامٍ لم تكُن ذاكرتك ممهدة كفاية لكي تحفظها، وأنت ابن أيامٍ سبع..

أصل فرعوني يعتقدون أن حاسة السمع لديك بدأت في الدوام فقط اليوم، يومك السابع، غير أنهم لم يكونوا وحدهم من اعتقدوا هذا الاعتقاد، فأجدادهم الفراعنة كذلك كان لهم نفس الاعتقاد، ومن قديم الأزل، وهم يحدثون ضوضاء جوار أذن المولود -حسب بوابة كِنانة أونلاين- كما رُسم على جُدران معابدهم، الأمر الذي تطوّر اليوم إلى طقس «الهون» الذي تدُقه أكبر نساء العائلة إلى جوار أذن المولود، وبعدما تتأكد أنها أرهقت سمعه، تبدأ في سرد سلسلة نصائح، بشكل جاد في أحيان، وشكل ساخر ضاحك في أحيان أخرى، يعكس مدى الوِد بين الأصهار من عائلة الأب والأم «اسمع كلام ستّك أم أمك، ماتسمعش كلام ستّك أم أبوك»، أو ربما يُستخدم لإرسال رسائل خفيّة ومضامين بين سطور حديث «الهون» عن خلافات عائلية لم يكُن لك فيها ناقة ولا جمل. غير أن الآله «إيزيس» كان لها نصيب كذلك من طقوس السُبوع، فالأسطورة تقول إنه من الواجب أن توضع في أذن المولود «حلقة دهب» هي هدية «إيزيس» ورمز لوصاياها، والتي تحوّرت فيما بعد بدخول الإسلام إلى مصر إلى ترديد «الأذان» في أذن الطفل كي يشب مُعتادًا على صوت الأذان ومتآلفًا معه. القُلة والإبريق ارتداءك في سُبوعك «فُستان» لا يشير تمامًا إلى هويتك إذا كنت ذكرًا، إلا أن أشياء عِدة في طقوس احتفالية السبوع من شأنها أن تدُل على هويّتك، إذ يختلف فيها الذكور عن الإناث، فعلى سبيل المثال، ألوان «فساتين» السبوع التي لترتديها في اليوم السابع من الميلاد: «اللون السماوي منها للأولاد، واللون الوردي للبنات». الألوان ليست فحسب هي بطاقة الهويّة، فالقُلة أو الإبريق كطقس من أبرز طقوس السبوع تُعبر عن جنس المولود -حسب مقال للكاتبة شادية يوسف في جريدة الأهرام- إذ تُضاء شمعة داخل القُلة إذا كانت المولودة بنت، أو داخل إبريق إذا كان المولود ولد، هذا فيم يخُص جنس المولود، أما عن الطقس بشكل عام، فمن باب التفاؤل بالنور كرمز للحياة تضاء الشموع، ويُحرص ألا تُطفأ الشمعة طوال اليوم السابع، لتشير إلى عُمر مديد ومنير للوافد الجديد. «عين الحسود» كون المجتمع المصري أحد مجتمعات مبالغة في الخوف من «عين الحسود»، فإن طقوسًا مُتعددة داخل الاحتفالية تقام بالأساس لأجل منع «العين»، لعل أول هذه الطقوس، طقس رش الملح التقليدي كما في الأفراج، غير أن رش السبع حبّات في البيت الذي تُعقد فيه الحفلة، وهي حُبوب: القمح والعدس والحلبة والأرز والفول والحمص والذرة، أصبح من الطقوس الرئيسية في احتفالية السبوع -حسب شادية بدر في الأهرام- وذلك لصد العين عن الوليد والأم، والتي قد لا يكفيها عام كامل لتنظيف المنزل من آثار «بدر» الحبوب لتحصينها من الحسد وتوابعه. من ناحية أُخرى، تقوم طقوس أخرى مقام مصدر البركة والفأل الخير، منها جمع العملات الفضيّة من جميع الحاضرين كـ«نقطة» رمزيّة مبروكة للمولود، ومنها كذلك وضع «سَبَت» للخُضروات كالجرجير والخس والخبز في مكان الاحتفال. زيارة درب البرابرة في فيلم «الحفيد» كادت المصروفات المطلوبة من الجد تُطبق على أنفاسه من هولها، بين طعام الأم «النَفَسَه»، وبين متطلبات الاحتفالية الكُبرى التي توزّع في يوم السُبوع مما يُعرف بحلوى السُبوع. وفي حين تُعد منطقة «درب البرابرة» في وسط القاهرة هي المنطقة الرسمية لشراء مُستلزمات السُبوع، فإن كلُ محافظة من المُحافظات لها «درب البرابرة» خاصتها. و درب البرابرة، حسب مختار فهمي، أحد أصحاب متاجر بيع مُستلزمات السبوع في درب البرابرة، يعُد «مول شعبي» لشراء كافة مُستلزمات السبوع، بدايةً من «الغُربال» الذي يُستخدم في «غربلة» المولود في مراسم الاحتفال، لإيقاظه وتنبيهه فتمُر من فوقه الوالدة بانتظام، بينما الحضور يرددون مأثورات من قبيل «الأولة بسم الله، والتانية بسم الله، والتالتة رقوة محمد بن عبدالله، إن خف اسمه كفاية جسمه، وان خف جسمه كفاية اسمه، وان خفوا الاتنين كفاية دُعا الوالدين» أثناء مرور الوالدة من فوق الغُربال الذي يستلقي فيه المولود. وبعيدًا عن الغُربال، فإن درب البرابرة هي السوق الأول لمكونات «علبة السُبوع»، والتي يلزمك أن تكون على قدرٍ عالٍ من التدبير والتحديد لكي تخرُج بنتيجة مُرضيةٍ. أولاً عليك أن تُدرك أن المكان شديد التواة فيم يخُص استيعابه لاحتياجات كافة الطبقات الاجتماعيّة، وتصالُحه مع كافة الميزانيّات، فبداية من 3 جنيهات للوحدة، إلى ما شاء الله، تتراوح أسعار «علبة السُبوع». أما عن المُكونات الأساسية لعُلبة السبوع تِلك، فيعددها مُختار على النحو التالي: «لعبة قد تكون من المطاط، أو الخشب أو الأسلاك، أو من الفخار المُلون، أو الصيني، أو الكريستال، أو الفضة، مُرتبة صعودًا إلى الأغلى على الإطلاق. وإلى جوار اللعبة، فإن حلوى السبوع تناسُب كافة الطبقات الاجتماعية، فحشوة (الملبِس) من الممكن أن تكون من الفول السوداني، ومن الممكن أن تكون من اللوز، وكذلك الشوكولاتة، تتراوح من الشوكولاتة السادة، إلى المحشوة بالمكسرات، حتى المحشوة بالكراميل». ] ثم يأتي أخيرًا دور لفّ «السبوع»، ويستخدم لهذه الأغراض قماش «التُل» أو «الأورجانزا»، حيث تتجلى هنا مهارة البنات العاملات، وقدراتهم على ابتكار لفّات مُختلفة، والتفاهم مع الوالد للوصول على شكل «السبوع» الذي يتخيّله، والمناسِب تمامًا لمن سيوزع عليهم. ولزوم التغليف، يُطبع على شريط الربط عبارات مُحفوظة مصحوبة باسم المولود، وفي العادة لا يحتاج الوالد لأن يعصف ذهنه لاختيار العبارة المُناسبة، فقائمة من العبارات متوفرة في المتجر لإسعاف الأب المُحتار لعل أشهرها «حضّروا مهركم .. (اسم المولودة) جاتلكم»، أو «شيلوني بحنيّة؛ ماما تعبِت فيًا»، أو «أجمل يوم في حياتنا، لما (اسم المولود) نوّر بيتنا»، وغيرها من العبارات المألوفة، والتي تحمِل قافية ما على اسم المولود وتُعلن عن خالص الابتهاج بقدومه، والاعتزاز بالمُهنئين. آخر صيحة وبالرغم من عراقة طقوس السبوع المصري، فإن العصر الحديث كانت له تدخُلاته في شكل السُبوع المصري، ولعل أحدث هذه الصيحات صيحة الـ guest book أو كتاب المُهنئين، وفي هذا الكتاب يوقّع كُل ضيف فيه بكلمة لذكرى يوم السُبوع فيقرأها المولود عندما يكبر. وأخيرًا تُعد «تقليعة» استقدام DJ لإحياء حفل السُبوع هي الأقل شيوعًا -حسب فهمي صاحب متجر لوازم السُبوع- إذ تنتشر على الأغلب بين أبناء الطبقات العُليا، في حين يُحافظ أبناء الطبقات المتوسطة والدُنيا على حميمية الاحتفال في جو البيت.

 

يسلمووووووووووووووووووووووووووووووووو
لكم احلى وارق الامنيات

يسلموووووووو ايدينك

*/

طرح اكثر من رائع
لطالما كانت مواضيعك مميزة
سلمتِ غاليتي وسلمت يمناك
ع هذا المتصفح الراقي
لروحك جنائن الورد

/*

مووضووع رائع واكثر
سلمت يدآك على هذآ الإبدآع
لاعدمنـآ هذا التميز
بـ إنتظارجديدك بكل شوق
مع خالص شكري وتقديري